29 مارس 2024 00:49 18 رمضان 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
المحارب

جماعة الدم .. الحلقة ( ٨ )

عبدالناصر محمد يكتب: الشيخ الذهبى .. وتفاصيل أبشع جريمة إغتيال

بوابة الكلمة

عقب صلاة عشاء يوم السبت الثانى من يوليو عام ١٩٧٧ وفى ليلة صيفية لم تخل من نسمات هواء منعش بدأت الأمسية المعتادة فى منزل العالم الكبير فضيلة الشيخ محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف وشئون الأزهر السابق والذى اعتاد على عقد هذه اللقاءات الدينية مع عدد من أصدقائه وبعض الجيران منذ أن ترك الوزارة فى نوفمبر ١٩٧٦ بعد عاما ونصف العام فى هذا المنصب الرفيع.

جلس الشيخ الذهبى على مقعده المعتاد فيما جلس الضيوف فوق " كنبتين بلدى " تتوسطهما منضدة خشبية تتراص عليها أكواب الشاى بالنعناع وبدأ السمر ودار النقاش حول أمور الدين وعن الفكر التنويرى الذى يتبناه الشيخ الجليل والذى إلتقت طرف الحديث وغاص فى بحر علوم الدين الصحيح الذى لا يعرف التطرف أو العنف.

سأله أحد الحضور عن سر هجومه المستمر على العديد من المفسرين

أجاب الذهبى : أننى باعتبارى أستاذ تفسير فى كلية أصول الدين أريد أن أوضح أن كتب التفاسير مليئة بالعديد من الخرافات والإسرائيليات وأنه طالما دعا إلى تجديد الفكر الدينى وذلك من خلال تنقية كتب التفسير من الإسرائيليات.

سأله آخر عن كتاب التطرف الذى ألفه الشيخ

أجاب الذهبى قائلا : أن كتاب التطرف يؤكد أن الدين الإسلامى يدعو إلى التسامح وليس للإرهاب وحمل السلاح بلا مبرر ولا يعترف بتلك الجماعات المتشددة التى ترتكب الجرائم بإسم الدين والدين منهم براء .. ثم توقف الشيح وسرح خياله ثم عاد للحديث مرة أخرى وقال مبتسما : أن هذا الكتاب بالطبع لم يعجب الجماعات الإرهابية فقاموا بسحبه من الأسواق حتى لا يصل إلى يد القراء ويتعرفون على فسق وضلال تلك الجماعات وهو الأمر الذى دعانى إلى طبع نسخة ثانية من كتاب التطرف وقمت بتوزيعه على قيادات المفكرين والإعلاميين وبدأ الرأى العام يردد أفكار هذا الكتاب ويواجه أباطرة التشدد بالفكر المستنير والحجة القوية.

ولا شك أن هذا الرأى والذى سبق أن ردده الشيخ الذهبى فى العديد من المناسبات والمؤتمرات قد لاقى استياء شديدًا من جانب شجرة جماعة الإخوان ومن كل فروعها من الجماعات المتشددة.

*الجريمة

سرعان ما مرت السويعات الرائعة الشيقة وانقضت الأمسية وذهب الشيخ الذهبى بعد أن ودع ضيوفه إلى سريره لينال قسطا من الراحة حتى صلاة الفجر غير مدرك لما تخبئ له الأقدار.

اختطاف

صمت تام يحيط بمكان فيلا الشيخ الذهبى بشارع السايس بحدائق حلوان فجأة تتوقف سيارتين أمام باب الفيلا الأولى فيات ١٢٨ والثانية ماركة مازدا ينزل منهما عدد من الشباب المدججين بالسلاح ويظل سائق السيارة المازدا عند سيارته ليقوم بتغيير إطارها الأمامى.

٦ أفراد يتزعمهم رجل يرتدى زى ضابط شرطة يتجهون نحو باب الفيلا ويقومون بالطرق عليه بعنف فيتحول الصمت إلى صخب شديد والهدوء إلى توتر وتعم الفوضى و تنتاب من بداخل الفيلا حالة من الفزع و يقوم الدكتور محمد الذهبي نجل الشيخ الجليل بفتح الباب فيجد زوار الفجر مشهرين أسلحتهم في وجهه و يسألونه عن الشيخ بحجة أنه مطلوب لدى مباحث أمن الدولة و أنهم فرقه أمنية جاءت لتنفيذ الأمر وهنا شكت أسماء الابنه الكبرى للشيخ الذهبى في الأمر وطالبتهم بإظهار كارنيهاتهم وهو الأمر الذي أزعج فريق الاختطاف وهنا خرج الشيخ الذهبي مهرولاً وطالبهم بالانتظار حتى الصباح غير أن فرقة الإرهاب سرعان ما التفوا حوله واقتادوه بجلبابه الأبيض الطاهر وطاقيته البيضاء وكان حافيًا إلى خارج الفيلا وسط صراخ شديد من ابنته أسماء والقوا بالشيخ داخل السيارة الفيات وذهبوا به إلى مكان غير معلوم دون أن ينتظروا زميلهم الذى لم ينته بعد من تركيب إطار السيارة المازدا.

وأمام صراخ ابنة الشيخ هرول بعض الجيران إلى فيلا الشيخ الذهبى وعثروا على الشاب وأوسعوه ضرباً إلى أن جاءت الشرطة واستجوبته ولكنه أنكر معرفته بالمجموعة التى اختطفت الشيخ.

خلال الساعات الأولى من الاختطاف لم تتمكن أجهزة الأمن من تحديد هوية الجهة الخاطفة وإن كانت هناك شكوك حول جماعة "التكفير والهجرة" التى يتزعمها الإخوانى شكرى أحمد مصطفى.

*الأمير

شكرى أحمد مصطفى هو أحد العناصر المؤثرة فى خلية سيد قطب التى قررت القيام بإنقلاب على الحكم وإغتيال الزعيم جمال عبدالناصر عام ١٩٦٥ وقد تم القبض على شكرى أحمد مصطفى فى هذا العام وعمره ٢٣ عاماً وكان طالباً فى كلية الزراعة جامعة أسيوط وخرج فى العفو الذى منحه الرئيس السادات لعدد من العناصر الإخوانية عام ١٩٧٤

تزوج شكرى من شقيقة القطب الإخوانى محمد صبحى مصطفى وبعد خروجه من السجن أسس جماعة الهجرة والدعوة والتى عرفت إعلاميا بإسم جماعة التكفير والدعوة وأصبح هو أميرها وألف كت…

عبدالناصر محمد يكتب الشيخ الذهبى وتفاصيل أبشع جريمة إغتيال