19 أبريل 2024 21:00 10 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
المحارب

جماعة الدم ( ٤ )

عبدالناصر محمد يكتب: التفاصيل الكاملة لعملية اغتيال سليم باشا زكى حكمدار العاصمة

بوابة الكلمة

بحماية وحصانة إنجليزية ومن السراى لم يتم توجيه أى إتهام إلى حسن البنا مرشد عام الجماعة فى قضية اغتيال القاضى أحمد الخازندار خاصة بعد أن استنكر البنا هذا العمل وعلى طريقة (يقتل القتيل) وصف هذا العمل بأنه جبان وتمكن بطريقة الأفاعى أن يمتص غضب المنتمين للجماعة والذين أبدوا غضبا حين عرفوا بوجود تنظيم خاص مسلح تابع للجماعة والتى انحرفت عن الدعوة.

تصاعدت الأحداث فى مايو ١٩٤٨ حين أعلن الصهاينة قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين ثم أعقب ذلك الإعلان بساعتين فقط إنهاء الإنتداب البريطانى على فلسطين ودعوة يهود العالم للهجرة إلى أرض الميعاد حيث الوطن الجديد.

سيطرت حالة من الغضب العارم على المجتمع وأعلنت المملكة المصرية إرسال الجيش لطرد اليهود من فلسطين وفتح باب التطوع لمن يرغب فى الخروج لحماية الدولة الإسلامية العربية من غزو اليهود لها وفى المقابل صدرت تعليمات من الإنجليز لعميلهم حسن البنا بضرورة تكثيف الهجمات ضد يهود مصر لإجبارهم على الهجرة إلى إسرائيل.

على الفور كلف البنا عصابته بتنفيذ الأوامر وقرر السندى إرسال ١٠٠ عنصر إخوانى للمشاركة فى حرب فلسطين حتى يعطى إنطباعا للرأى العام بحرص الإخوان على الدفاع عن المقدسات الإسلامية وللتغطية على الأحداث التى سوف يشهدها يهود مصر علما بأن كل الوثائق أثبتت أن هذه العناصر حصلت على الأسلحة ولم تضرب رصاصة واحدة وعادت من فلسطين وقام السندى بتدريبهم مع آخرون من التنظيم الخاص على فنون القتال وذلك فى صحراء العباسية والمقطم وهو ما أخبر به محمود فهمى النقراشى باشا والذى بدأ فى إتخاذ موقف تجاه الجماعة.

بدأت عصابة التنظيم الخاص فى تنفيذ أوامر الإنجليز ففى ٢٠ يونيو ١٩٤٨ تم زراعة عدة قنابل فى حارة اليهود وتم نسف العديد من المناطق بها حيث إن الحارة كانت ومازالت عبارة عن منطقة صناعية وتجارية شاملة وليست مجرد حارة وفى ١٩ يوليو الموافق ١٢ رمضان تم تفجير محلات شيكوريل وأوريكو وفى آخر رمضان تدمير محلات عدس وجاتينيو وفى ٢٢ سبتمبر من العام نفسه تم تفجير العديد من المحلات المملوكة لليهود فى حارة اليهود للمرة الثانية خلال ٣ شهور وفى ٢٢ أكتوبر ضبطت أجهزة الأمن مخزن كبير للأسلحة بعزبة الشيخ فرغلى بالإسماعيلية وهذا الشيخ هو عضو بارز فى التنظيم الخاص وتتضمن المضبوطات قنابل ومفرقعات ومقذوفات وبنادق ومسدسات بالإضافة إلى ١١ مدفعا وفى ١٣ نوفمبر من هذا العام الأسود فى تاريخ مصر تم تدمير شركة الإعلانات الشرقية.

نتيجة لكل هذه الجرائم سقط ضحايا بالعشرات من أبناء الوطن سواء كانوا يهود أو مسلمين أو أقباط فأعمال الغدر والخيانة لم تفرق بل حصدت أرواح عدد كبير من رجال ونساء وأطفال مصر.

فى هذه الأثناء وضع أباطرة التنظيم السرى خطة لتدمير المنشآت الهامة فى القاهرة لإشاعة الفوضى _ لاحظ التشابه مع أحداث يناير _ مع وضع خريطة للتمركزات الأمنية وأقسام الشرطة تمهيدا لتنفيذ مخطط أكبر يسمح لجيش الإخوان بالسيطرة على مقاليد الحكم.

وفى ١٥ نوفمبر اليوم الشهير بواقعة " السيارة الحيب" وهى السيارة المحملة بالأسلحة والتى نجح الإخوان فى نقلها من منطقة المحمدى حيث كانت مخزنة فى شقة أحد عناصرهم وكانت هناك مخاوف من رصده أمنيا إلى شقة عنصر آخر تابع لهم هو إبراهيم محمود الكائن فى ٣٨ شارع القوادر بحى الوايلى وخلال تخزين الأسلحة تمكن أحد أفراد الأمن ويدعى صبحى على سالم من ضبط السيارة وتمكن بمساعدة الأهالى من ضبط بعض العناصر الإخوانية مثل أحمد عادل كمال وطاهر عماد الدين ومصطفى كمال عبد المجيد وكلهم من العناصر المؤثرة فى التنظيم الخاص وحين وصل الخبر إلى مصطفى مشهور القيادى البارز فى التنظيم والمقيم بالقرب من مكان ضبط السيارة قام بجمع كل الأوراق والخرائط فى حقيبة خاصة به وإتجه لإيداعها لدى أحد أقاربه ولكن من سوء حظه أنه سار من نفس محيط المنطقة التى ضبطت فيها السيارة الجيب فاشتبه فيه رجال الأمن وتم ضبطه ومعه حقيبة الأسرار الإخوانية.

وبعد التحقيقات مع المقبوض عليهم تم القبض على عدد آخر من قيادات التنظيم السرى وعلى رأسهم زعيم الدم والإرهاب عبدالرحمن السندى واستخدم الأمن جميع الوسائل مع المتهمين لإنتزاع الاعترافات حول مخططاتهم المشبوهة لإحراق القاهرة وإشاعة الفوضى فيها فضلاً عن الإعتراف بتفاصيل أعمال التدمير والإحراق للمنشآت العامة والمحلات والمتاجر والشركات ودور السينما.

و فى هذه الأثناء بدأ البنا يفكر فى وسيلة للانتقام من أجهزة الأمن فقرر مع قيادات الصف الثانى التنظيم السرى القيام بمظاهرة طلابية يوم ٤ ديسمبر من ذلك العام الساخن جداً وذلك فى كلية الطب بالقصر العينى بجامعة فؤاد الأول " القاهرة حاليا " وانتقل إليها كالعادة فى هذه الظروف اللواء سليم باشا زكى حكمدار العاصمة والذى كانت سيارته مميزة حيث كانت مكشوفة ومكتوب عليها إسم " سليم " من كل جانب من جوانبها الأربعة وكان فى انتظاره عدد من عناصر الإخوان متمركزين أعلى سطح مبنى كلية الطب _ لاحظ سياسة الإخوان فى إعتلاء أسطح المبانى كما حدث مع مبانى ميدان التحرير أثناء أحداث يناير _ وما أن وصل اللواء سليم باشا زكى حكمدار العاصمة إلى موقع المظاهرة وتم رصده من العناصر المتمركزة أعلى المبنى وقام أحدهم على الفور بإلقاء قنبلة شديدة الإنفجار فى إتجاه الحكمدار الذى لقى مصرعه فى الحال ليدخل إلى قائمة ضحايا إغتيالات الإخوان.

المراجع

كتاب "الإخوان المسلمين.. دراسة أكاديمية " للكاتب ريتشارد ميتشيل ترجمة عبدالسلام رضوان

مذكرات المفكر الإسلامى خالد محمد خالد

مذكرات عبدالرحمن السندى من كتاب سر المعبد جزء ٢

عبدالناصر محمد يكتب التفاصيل الكاملة لعملية اغتيال سليم باشا زكى حكمدار العاصمة