أحمد سليم يكتب: حكايات من مدرسة الستينات
بوابة الكلمة
التعليم الميدان الذي يجب أن يستثمر فيه الآباء لتقديم أجيال جديدة واعية وهو أيضاً أحد أهم ميادين الاستثمار لقطاع كبير من رجال الأعمال بمختلف مستوياتهم .. وهو الميدان الأهم أمام الدولة لصناعة جيل واعٍ ففى المدرسة تستطيع أن تبنى قواعد الأخلاق والوطنية ومنها يمكن أن تقدم للدولة فى جمهوريتها الجيدة أجيالاً واعية تحمى وتبنى وتجدد. التعليم يجب أن يكون المشروع القومى لدولة تريد مستقبلاً تنافس فيه كبريات الدول... والتعليم فى مرحلة الستينات لعب دورًا كبيرًا فى حياة السبعينيين فعندما.
جاء الرجل السبعينى للحياة كانت الخمسينيات تلملم أوراقها فى ربعها الأخير تفتحت عيناه على منزل كبير سقف غرفه يصل إلى حوالى الخمسة أمتار وكذلك عرضها أو طولها وسرير يجمع بين الخشب والنحاس تعلوه ناموسية تمنع دخول الذباب والناموس إليه. أبوه مزارع وجده من كبار رجال الناحية أى القرية وما يجاورها.
لم يكن السبيعنى يدرى ما حوله عندما بدأت حقبة سنوات الستينات وما أدراك ما الستينات والتى بدأ معها يدرك بعضاً مما حوله، علمته أمه بدايات الكتابة العربية وجدته لقنته بعض الكلمات الفرنسية والتى كانت أذنه تلتقطها من قريب جده الطبيب ذي الملامح الشركسية والذى علم فيما بعد أنه أحد أعلام محافظته كطبيب وسياسى وفدى ونائب بمجلس الشيوخ نهايات الأربعينيات، ورغم كل هذه الصفات كان ابنه من أقرب الضباط لعبد الناصر والسادات ثم مبارك.
بدأ السبعينى يلتقط ما حواليه.. كانت أغانة "كنا هنبنى وادى احنا بنينا السد العالى" ثم أغانى "يا جمال بأمثال الوطنية والتى كانت تستحوذ عليه باعتباره يحمل نفس الاسم فى بيته الأول والذى مازال يحن أن يراه رغم تغير الكثير من ملامحه، فعندما زاره من سنوات اكتشف أن اللوحات الكبيرة التى كانت تغطى حوائطه تاهت ألوانها، وأن درابزين سلمه الرائع قد تآكل. ظل هذا البيت يحمل ذكريات هامة فى حياته. هذا البيت الكبير الذى عاش فيه السبعينى سنوات حياته الأولى عشقه كطبع أبناء برج السرطان وعشقهم الأماكن فمن هذا البيت انطلقت رحلته إلى المدرسة مرتديًا المريلة وحاملاً حقيبة الكتب والاثنتان مصنوعتان من تيل نادية القماش الأشهر . انطلق إلى مدرسته عبر شارع يحمل اسم عائلته شارع السلايمة ليصل إلى مدرسته حيث رأى لاول مرة ناظر المدرسة الراحل عبد العزيز شلبى واستاذه المرحوم الشيخ فهيم عامر الذى عاش تلميذا له لمدة خمس سنوات.
قصة مدرسته واساتذته والتعليم فى الستينات كان اللوح الذى نكتب عليه اجمل كثيرا من لوح التابلت فلم يكن يحتاج إلى شبكة النت ولا يعطى الطالب المعلومات ولكن طالب الستينات تعلم على لوحه فنون الخط وكانت معلومات الطالب هى حصيلة ما يقرأ من كتب أو ما يفهم من دروس.
مدرسة شبراقاص الابتدائية المشتركة والتى قدمت أساتذة جامعيين وعمداء كليات ومساعدين لوزراء ورجال أعمال نابهين .. المدرسة وفصولها ومُدرسوها وأنشطة الموسيقى والمسرح والفنون والتدبير المنزلي وتحفيظ القرآن والمكتبة تحتاج إلى روايات طويلة سنقص بعضها.
قضى السبعينى اثني عشر عامًا فى ثلاث مدارس عاش فيها قصصًا عديدة يتذكرها الآن كأنها حلم جميل أو فيلم طويل، لكل مدرسة قصصها، شبراقاص الابتدائية، وكفر سالم النحال الإعدادية، والأحمدية الثانوية بطنطا. حكايات التعليم كثيرة ولكن الرؤية لمستقبله هى الأهم وهو ما سنحاول طرحه فى مقالات تالية.