28 مارس 2024 20:11 18 رمضان 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

جماعة الدم .. الحلقة الأولى

عبدالناصر محمد يكتب: فرمان إنجليزى للبنا بقتل الفنانة أسمهان

بوابة الكلمة

فى يوم ١٤ يوليو عام ١٩٤٤ تلقت الجماهير فى مصر والوطن العربى خبراً مفجعاً وهو رحيل الفنانة السورية الشابة أسمهان صاحبة الصوت الرائع أميرة جبل الدروز وشقيقة الفنان فريد الأطرش بعد سقوط السيارة التى كانت تقلها مع صديقتها ومديرة أعمالها مارى قلادة فى ترعة الساحل بمدينة طلخا حيث كانا متجهتين إلى مدينة رأس البر لقضاء أجازة نهاية الأسبوع قبل أن تكمل فيلم غرام وإنتقام ليلقيا مصرعهما بعد هروب السائق .. وترك رحيل أسمهان لغزا كبيرا وخرجت شائعات متعددة حول الجهة التى وراء هذا الحادث والذى قيد فى النهاية ضد مجهول ولكن بعد مرور السنين تكشفت الحقائق وتبين أن جماعة الدم والإرهاب وراء مقتلها تنفيذا لأمر من الاحتلال الإنجليزى لحسن البنا مؤسس هذه الجماعة المشبوهة... وإلى التفاصيل المثيرة

فى ٢٥ نوفمبر عام ١٩١٢ وعلى متن باخرة فى عرض البحر ولدت آمال فهد الأطرش التى أشتهرت فيما بعد بإسم " أسمهان " وهى سليلة عائلة وطنية من جبل الدروز فى سوريا ووالدها أحد زعماء الجبل وينتمى إلى المناضل سلطان الأطرش قائد ثورة الدروز ضد الاحتلال الفرنسى وفى هذه الأثناء الساخنة والهجمات المتكررة من جانب الاحتلال الفرنسى على الدروز رأت والدة أسمهان الأميرة علياء حسين المنذر أن تنأى بأولادها من هذا الجحيم وأن تهرب بهم إلى مصر وبالفعل جاءت الأم بصحبة أولادها الثلاث فؤاد وفريد وآمال " أسمهان " وسكنوا بحى الفجالة بالقاهرة.

وعندما بلغت أسمهان سن ٢١ عاما والتى ذاع صيتها فى الغناء وتنبأ لها الكثيرون بمسقبل واعد فى عالم الفن تزوجت من ابن عمها الأمير حسن الأطرش وعاد بها إلى مسقط رأسها لتتعايش وسط أحداث المقاومة والنضال ضد الاحتلال الفرنسى وأصبح لها نشاط سياسي ملحوظ ولكنها انفصلت عن زوجها وعادت إلى مصر لتستكمل مسيرتها الفنية وفى عام ١٩٤١ لجأت إليها المخابرات الإنجليزية للاستعانة بها على دخول سوريا لطرد حكومة " فيشى " الفرنسية المحتلة و التى كانت قد أسلمت زمامها للألمان وأعلنت تأييدها للنازية أثناء الحرب العالمية الثانية وذلك عن طريق الجنرال " كلايتون " المسئول فى الخارجية البريطانية وأحد أعمدة جهاز المخابرات الإنجليزية والذى كانت له صلاحية إعطاء الأوامر لحسن البنا مرشد جماعة الإخوان المسلمين ووافقت أسمهان على العرض خاصة أنه سوف يحرر وطنها من الاحتلال الفرنسى الغاشم.

ووفقًا للوثائق البريطانية فى فترة الأربعينيات كان "كلايتون" مسئولا عن شبكة جاسوسية أنشأها لمصلحة التاج البريطاني تحت اسم "سناك" وكانت "اسمهان" بمثابة العمود الرئيسي لهذه الشبكة حيث ساعدت القوات الفرنسية المتحالفة مع الإنجليز إبان الحرب العالمية الثانية في التمركز بجبل الدروز

وهنا تذكر الوثائق أن قائد سلاح الطيران البريطاني في الشرق الأوسط قد جندها للعمل معهم، وكان ذلك القائد بنفسه رئيس المخابرات للجيوش البريطانية، مهتم بمعرفة جميع الأمور في المنطقة.

في عام 1941 التقت "أسمهان" مع أحد السياسيين البريطانيين العاملين في الشرق الأوسط، وتم الاتفاق على أن تساعدهم في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان وأن تكون بمثابة مخبر ناقل للمعلومات.

وجرى الاتفاق على أن تساعد "أسمهان" بريطانيا والحلفاء في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من قوات. " فيشي " وهى عاصمة الجانب الفرنسى المتحالف مع ألمانيا فضلا عن قوات ألمانيا النازية نفسها ، وذلك عن طريق إقناع زعماء جبل الدروز بعدم التعرض لزحف الجيوش البريطانية والفرنسية وتلك الأخيرة تمثل الجانب الفرنسى الآخر المناوىء للألمان ويقوده القائد شارل ديجول.

وقد قامت بمهمتها خير قيام بعد أن أعادها البريطانيون إلى زوجها الأسبق الأمير حسن، فرجعت أميرة الجبل من جديد، وهي تتمتع بمال وفير أغدقه عليها الإنجليز، وبهذا المال استطاعت أن تحيا مرة أخرى حياة الترف والبذخ وتثبت مكانتها كسيدة لها شأنها في المجتمع ولم تقصر في الوقت نفسه في مد يد المساعدة لطالبيها وحيث تدعو الحاجة.

ولكن أسمهان رأت أن تمسك العصا من المنتصف وتفتح قنوات الاتصال بالألمان خاصة فى ظل تفوقها وحلفائها على الإنجليز وحلفائها فى أوقات مختلفة من الحرب ولكى تحصل على وعد بتحرير وطنها من الإحتلال فى حالة إنتصار ألمانيا .

ويقال إن روميل "ثعلب الصحراء" أرسل إلى هتلر كاشفا عن أسباب تأخر جيشه في مواجهة الإنجليز وأن هناك "حية رقطاء" اسمها "أسمهان" تنقل تحركات الألمان عبر رجال أقامت علاقات معهم، وأنه سيقوم باستغلالها استغلالا عكسيا.

ووقعت مكاتبات روميل لهتلر في يد الإنجليز الذين ظلوا فترة يرصدون حركة "أسمهان" ولقاءاتها بشخصيات إيطالية على صلة وثيقة بالألمان و تقوم بتوصيل ما وصلت إليه من معلومات للألمان وهنا قررت بريطانيا الإنتقام منها وتصفيتها ولكنها شعرت بالخطر فى سوريا فقررت الطلاق مرة أخرى من إبن عمها وتعود لمصر.

ومنذ عودتها للقاهرة وهى تحت الميكروسكوب الإخوانى حيث أصدر الجنرال كلايتون أوامره للبنا بسرعة تصفية أسمهان لأن لديها معلومات خطيرة تهدد الحليفة بريطانيا وهى على علاقة بالألمان وقام البنا بدوره بإصدار أوامره لمسئول التنظيم السرى عبدالرحمن السندى بالتخلص منها لأنها درزية كافرة وخمورجية وظل السندى يتتبع تحركات الفنانة واستعان بأحد أفراد التنظيم السرى ويدعى الأسطى فضل السائق والذى تمكن من العمل بأستوديو مصر إلى أن سنحت الفرصة حين استأذنت أسمهان من الفنان يوسف وهبى منتج الفيلم الذى كانت تقوم بتصويره وهو فيلم " غرام وإنتقام " والذى رفض تماما ولكنها أصرت بعد إلحاح من اثنين من صديقاتها ووافق يوسف وهبى على مضض وأثناء السفر قدم السائق زجاجة ويسكى تحتوى على مخدر بحجة أنها هدية من الأستوديو وذلك كما هو متفق عليه مع السندى والذى ذكر ذلك فى مذكراته السرية وبعد تأكد السائق أن أسمهان شعرت بصداع من الويسكى هى وصديقتها مارى قلادة إنحرف بالسيارة ناحية الترعة وفتح الباب وقفز منه تاركا السيارة تهوى فى طريق الترعة لتغرق بمن فيها ليكتب قصة النهاية لأسمهان.

وقد بارك البنا هذه الجريمة ولكنه كان غاضباً حين أخبره السندى بأنها تكلفت ٢٠٠ جنيه وهو مبلغ باهظ فى هذه الفترة ولكن السندى برر النفقات العالية بأن الرأس التى كانت مطلوبة غالية أيضا.

وقد اعترف كذلك بهذه الجريمة محمود عبدالحليم رئيس التنظيم السرى قبل السندى.

المراجع

كتاب " أسمهان تروى قصتها " الكاتب محمد التابعى

كتاب " سر المعبد" الجزء الثانى للكاتب ثروت الخرباوى

عبدالناصر محمد فرمان إنجليزى للبنا بقتل الفنانة أسمهان