16 أبريل 2024 16:59 7 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
أخبار وتقارير

خطبة الجمعة| لغةُ القرآنِ والحفاظُ علي الهويةِ

بوابة الكلمة

أشارت وزارة الأوقاف المصرية إلى أن خطبة الجمعة اليوم 10 ديسمبر 2021م تحت عنوان " لغةُ القرآنِ والحفاظُ علي الهويةِ "، وأكد الوزارة على جميع الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة على عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة

وتشير خطبة الجمعة إلى أهميةُ اللغةَ العربيةِ، موضحة أثرُ اللغةِ العربيةِ في فهمِ النصِّ القرآنيِ، و دورُ اللغةِ العربيةِ في الحفاظِ على الهويةِ .

نص الخطبة:

الحمدُ للهِ حمداً يوافي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهَكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أما بعدُ

(1) أهميةُ اللغةِ العربيةِ:

إنّ اللغةَ هي الوعاءُ الحاملُ للمعاني والثقافاتِ المختلفةِ، وأحدُ أهمِّ عواملِ تشكيلِ الهويةِ، والتأثيرِ في بناءِ الشخصيةِ، ولذا عُدَّ من نعمِ اللهِ وآلائهِ وقدرتهِ وآياتهِ اختلافُ الألسنِ واللغاتِ فقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾ ، وكلُّ رسولٍ يُبعَثُ إلى قومِه بلسانهِم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ ورسولُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتمُ الرسلِ والأنبياءِ أُرسلَ إلى الناسِ كافةً، وخُوطبَ بدعوتهِ العربُ والعجمُ قاطبةً، والعربُ قد أَعْطَوا للغتهِم أهميةً عظمى، وعنوا بها عنايةً فائقةً، ولم يَعرفْ البشرُ عبرَ تاريخهِم الطويلِ أمةً أقامتْ أسواقًا للكلمةِ غيرَ أمةِ العربِ، فقد كانوا يعرضون شعرَهُم ونثرَهُم فيها كسوقِ عكاظٍ وذيِ المجازِ وذيِ المجنةِ وغيرِهَا، بل مَن يَفُزْ في تلك الأسواقِ يُعَلّقْ ما كتبَهُ في الكعبةِ تشريفاً وتكريماً وتخليداً لذكراه، ومن هنا كانتْ معجزةُ رسولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن جنسِ ما برعَ فيه قومُهُ، فنزلَ القرآنُ، وتحداهُم اللهُ أنْ يأتوا بمثلهِ متدرجاً معهم في هذا التحديِ قال تعالى: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ﴾ ، فلما عجزوا تحداهُم أنْ يأتوا ﴿بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ﴾ ، ثم أرخى لهم العنانَ، وأسبلَ لهم الستارَ أنْ يأتوا ﴿بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾، فلما لم يستطيعوا وسّعَ دائرةَ التحدي لتشملَهُم والبشريةَ كلَّهَا بل الجنَّ والإنسَ إلى يومِ القيامةِ فقال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾، وقال أيضاً: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾، وقد سجلَ التاريخُ جميعَ محاولاتِ معارضةِ القرآنِ الكريمِ التي باءتْ بالفشلِ، وكانتْ محلاً للسخريةِ، ومثاراً للضحكِ بين الصبيانِ، وهكذا ظلَّ القرآنُ كالطودِ الشامخِ ليحفظَ اللهُ به اللغةَ العربيةَ .

(2) أثرُ اللغةِ العربيةِ في فهمِ النصِّ القرآنيِ:

القرآنُ الكريمُ نزلَ بلغةِ العربِ قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، وقال أيضاً: ﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾، وقال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِين * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ ، وهذا اللسانُ يمتلكُ من الخصائصِ والمقوماتِ ما لم يمتلكْهُ لسانٌ آخر، ولا تملكُهُ أيُّ لغةٍ أخرى، كما لا يمكنُ فهمُ كلامِ اللهِ ومعرفةُ مرادهِ على الوجهِ الصحيحِ بعيداً عن الغلوِّ والانحرافِ إلا من خلالِ اللغةِ التي نزلَ بها، ولذا جاءتْ الآثارُ عن الصحابةِ تأمرُ بتعلمِ العربيةِ وإتقانِهَا فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ كَمَا تَعَلَّمُونَ حِفْظَ الْقُرْآنِ»، وكتبَ سيدنُاَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كتاباً إلى أحدِ عُمالهِ يوصيهِ فيهِ فيقولُ: «تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تثبتُ العقلَ، وتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ»، ومِن ثَمّ توارثَ ذلك الخلفاءُ والأمراءُ مِن بعدهِم يقولُ عبدُالملكِ بنُ مروانٍ: «أصلحوا ألسنتَكُم؛ فإنّ المرءَ تنوبُهُ النائبةُ، فيستعيرُ الثوبَ والدابةَ، ولا يمكنهُ أنْ يستعيرَ اللسانَ» .

إنّ أثرَ القرآنِ في العربيةِ باقٍ على مرِّ العصورِ وتوالي الدهورِ على الرغمِ من كثرةِ المحاولاتِ لطمسَها، وبذلِ الجهودِ لمحوِهَا، كما أنّ إدراكَ العربيةِ والإلمامَ بقواعدِهَا والإحاطةَ بأسرارِهَا لهو مِن أهَمِّ الأدواتِ بل هو الأساسُ في فهمِ مقاصدِ القرآنِ والسنةِ النبويةِ، والجهلُ بأسرارِ العربيةِ سببٌ أكيدٌ وعاملٌ رئيسٌ في الضلالِ والانحرافِ ونشرِ المفاهيمِ المغلوطةِ، وما زلَّ المنحرفون، وزاغَ المتنطعون، وارتفعتْ أصواتُ المتفيقهون المتشددون إلا بسببِ جهلهِم بأسرارِهَا، وبُعدهِم عن اللسانِ العربيِّ، فالقرآنُ الكريمُ قد اشتملَ على أنواعٍ كثيرةٍ من الإعجازِ كالإعجازِ اللغويِ أو البيانيِ، والإعجازِ العلميِ، والإعجازِ العدديِ، والإعجازِ التشريعيِ، والإعجازِ التاريخيِ، والإعجازِ المقاصديِ وغيرِهَا مما لا يُحصيه العدُّ، ولا يحيطُ بهِ القلمُ، فما يستجدُّ من علومٍ ومعارفَ إلا وتجدُ القرآنَ قد سبقَهَا، وقررَ حقائقَهَا، مصداقًا لقولهِ تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾، وهذه الأنواعُ المتعددةُ من الإعجازِ لا يمكنُ الاهتداءُ والوصولُ إليها إلا من خلالِ لغةِ القرآنِ الكريمِ، ولذا كلُّ اكتشافٍ أو سبقٍ يخالفُ لغةَ القرآنِ أو يتعارضُ مع قوانينِ اللغةِ التي نزلَ بها يُضربُ به عُرضُ الحائطِ، ولا يُلتفتُ إليهِ .

لقد أردكَ العلماءُ أهميةَ اللغةِ العربيةِ في فهمِ القرآنِ، وعليه تفاوتُوا وتسابقُوا في بيانهِ - منذُ عهدِ نزولهِ إلى وقتِنَا الحاضرِ- لكن مَن كان بلغةِ العربِ أعرفُ كانتْ معرفتُه بمعاني نصوصِ الكتابِ والسنةِ أكثرُ، وفهمُهُ لمدولاتِهَا أرسخُ وأتقنُ، ولذا حذروا من الخوضِ في التفسيرِ من غيرِ علمٍ بالعربيةِ يقولُ مجاهدُ بنُ جبرٍ المكيِ: «لا يحلُّ لأحدٍ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ أنْ يتكلمَ في كتابِ اللهِ إذا لم يكنْ عالمًا بلغاتِ العربِ»، ويُضمُّ إلى علمِ العربيةِ أيضاً أسبابُ النزولِ، والسياقُ والقرائنُ التي حفتْ بالخطابِ حالَ التنزيلِ، وعلمُ المقاصدِ... الخ، وإلا فالاقتصارُ على اللغةِ وحدهَا يوقعُ في الخطأِ في التفسيرِ يقولُ القرطبيُّ: «فَمَنْ لَمْ يُحْكِمْ ظَاهِرَ التَّفْسِيرِ وَبَادَرَ إِلَى اسْتِنْبَاطِ الْمَعَانِي بِمُجَرَّدِ فَهْمِ الْعَرَبِيَّةِ كَثُرَ غَلَطُهُ، وَدَخَلَ فِي زُمْرَةِ مَنْ فَسَّرَ الْقُرْآنَ بِالرَّأْيِ، والنقل والسماع لا بدله مِنْهُ فِي ظَاهِرِ التَّفْسِيرِ أَوَّلًا لِيَتَّقِيَ بِهِ مَوَاضِعَ الْغَلَطِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَّسِعُ الْفَهْمُ وَالِاسْتِنْبَاطُ».

والمستقرءُ للقرآنِ الكريمِ يجدُ أنّه جاءَ الربطُ بين اللسانِ العربيِ وبين إعمالِ العقلِ، وحسنِ الفهمِ، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ فتفاعلَ المسلمون مع كتابِ ربِّهم فأعملوا عقولَهُم، وانطلقوا يعمرون الحياةَ ويتفاعلون معها حتى غدتْ حضارةً لا تُنكر، وأنتجوا تراثاً لا مثيلَ له، كما جاءَ الربطُ أيضاً بين اللغةِ العربيةِ والدعوةِ لطلبِ العلمِ فقال تعالى: ﴿كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ؛ ليشحذَ الهممَ، ويحثَّ على طلبِ العلمِ على اختلافِ مجالاتِهِ .

(3) دورُ اللغةِ العربيةِ في الحفاظِ على الهويةِ: إنّ اللغةَ العربيةَ هي أوسعُ اللغاتِ وأكثرُهَا بيانًا، وأوفاهَا بأداءِ المعنى، وأقدرُهَا على تأديةِ المرادِ حتى قال الإمامُ الشافعيُّ: «لسانُ العربِ أوسعُ الألسنةِ مذهبًا، وأكثرُهُم ألفاظًا، ولا نعلَمُهُ يحيطُ بجميعِ علمهِ إنسانٌ غيرُ نبيٍّ»، وبهذه الخصائصِ وتلك المقومات ِكانت العربيةُ قادرةً على استيعابِ التراثِ الإسلاميِّ والعربيِّ على تنوعهِ وتعددهِ على مرِّ التاريخِ، كما ضمنتْ للفكرِ العربيِ الحيويةَ والتجددَ ومِن ثَمَّ البقاءَ والخلودَ، والمعروفُ لدى أهلِ الاختصاصِ أنّ قيامَ الحضاراتِ واستمرَاهَا مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً ببقاءِ لغتِهَا، فاللغةُ تعبرُ عن وحدةِ الهدفِ ووحدةِ الصفِّ، وهي الوعاءُ الثقافيُّ الأهمُّ لأيٍّ أمةٍ تريدُ البقاءَ والاستمرارَ، ولغةّ القرآنِ هي الوحيدةُ من بين جميعِ اللغاتِ القادرةُ على استيعابِ ذلك كلّهِ، وهي حاضنةُ الحضارةِ العربيةِ، وناقلتُهَا إلى الأممِ والشعوبِ، وهذا بشهادةِ غيرِ العربِ يقولُ المستشرقُ الفرنسيُّ رينان: «مِن أغربِ المُدْهِشاتِ أنْ تنبتَ تلك اللغةُ القوميةُ، وتصلَ إلى درجةِ الكمالِ وسطَ الصحاري عندَ أمةٍ من الرُحّلِ، تلك اللغةُ التي فاقتْ أخواتِهَا بكثرةِ مفرداتِهَا ودقةِ معانيهَا وحسنِ نظامِ مبانيهَا، ولم يُعرفْ لها في كلِّ أطوارِ حياتِهَا طفولةٌ ولا شيخوخةٌ، ولا نكادُ نعلمُ من شأنِهَا إلا فتوحاتِهَا وانتصاراتِهَا التي لا تُبارى، ولا نعرفُ شبيهاً بهذه اللغةِ التي ظهرتْ للباحثين كاملةً من غيرِ تدرجٍ وبقيتْ حافظةً لكيانِهَا مِن كلِّ شائبةٍ»، وصدقَ القائلُ: إنَّ الّذي ملأ اللغاتِ محاسنًا * جعلَ الجمالَ وسرَّهُ في الضّادِ لو لم تكُنْ أمُّ اللغـاتِ هيَ المُنى * لكسرتُ أقلامي وعِفتُ مِدادي لغةٌ إذا وقعتْ عـلى أسماعِنا * كانتْ لنا برداً على الأكبادِ ستظلُّ رابطةً تؤلفُ بينَنا * فهيَ الرجاءُ لناطـقٍ بالضّادِ فما أحوجَنَا إلى تعليمِ أولادنَا اللغةَ العربيةَ، وغرسِ أهميتهَا وقيمتهَا في نشأِنَا - كما تفعلُ الدولُ والمجتمعاتُ من حولِنَا، بل تبذلُ المالَ، وتعقدُ الندواتِ والمؤتمراتِ، وتقيمُ الدوراتِ وتأتي بأفضلِ المعلمين؛ لتسمو وتتسابقَ وتتشرفَ بين الأممِ بلغاتِهَا- لأنّ هذا يعززُ قيمَ الانتماءِ للوطنِ والأمةِ، ولذا كان السلفُ يؤدبون أولادَهُم على العربيةِ، ويصححون ما دخلَ عليها من عُجمةٍ وغرابةٍ، فهذا عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يضربُ الحسنَ والحسينَ على اللحنِ في اللغةِ، وهذا عَبْد اللَّهِ بْنُ عُمْرَ بنُ الخطابِ يضربُ أولادَهُ على اللحنِ، ولا يضربُهُم على الخطأِ، وكذا كان يصنعُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهم أجمعين، وقد رأى سيدُنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رجلين وهما يَتَرَاطَنَان في الطوافِ، فعلاهُمَا بالدِّرَّةِ وقال: «لا أمَّ لكما، ابتغيا إلى العربيةِ سبيلاً»، فأين نحنُ من تلك التوجيهاتِ العمريةِ ؟! وأين أبناءُ المسلمين اليوم الذين زهدُوا في لغتهم لغةِ القرآنِ ؟، وليس معنى ذلك إهمالُ تعلمِ اللغاتِ الأخرى، بل ينبغي علينا أنْ نتعلمَ منها ما يعينُنَا على التواصلِ مع الآخرين والاستفادةِ من علومِهم، فقد ثبتَ أنّ رسولَنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرَ زَيْدَ بْن ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنْ يتعلمَ لغةَ اليهودِ، فتعلمَهَا في مدةٍ وجيزةٍ، لكن دونَ أنْ يُنسينَا هذا أهميةَ لغتِنَا العربيةِ فهى لغةُ فهمِ القرآنِ وسنةِ النبيِّ العدنانِ . كما يجبُ على العلماءِ التكاتفُ والتعاونُ فيما بينهم على اختلافِ مجالاتِهِم لمواجهةِ ما يُحاكُ ضدُّ اللغةِ العربيةِ، وما يُدبرُ لإضعافِهَا وتجريفِهَا كاتهامِهَا بالصعوبةِ والجمودِ، والمناداةِ بتركِهَا، واستخدامِ العاميةِ، ولكنْ أنّى لهم ذلك فقد ضمنُ اللهُ حفظَ القرآنِ، وحفظَ لغتهِ من كيدِ الكائدين، ومكرِ المعاندين قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ﴾ اللهم اجعل بلدنا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمين، واستعملنا في خدمةِ دينِنَا ووطنِنَا، ووفق ولاةَ أُمورِنا لما فيه نفع البلاد والعباد .

خطبة الجمعة لغةُ القرآنِ الحفاظُ الهويةِ