خطبة الجمعة| تحقيق الأمن البيئي من أهم ركائز الأمن المجتمعي


أشارت وزارة الأوقاف المصرية إلى أن خطبة الجمعة اليوم 26 نوفمبر 2021م تحت عنوان "ركائز الأمن المجتمعي"، وأكد الوزارة على جميع الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة على عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة
وتشير خطبة الجمعة إلى أن تحقيق الأمن البيئي من أهم ركائز الأمن المجتمعي، موضحة أن ذلك يأتى بتنمية البيئة وحمايتها من أية أضرار أو مخاطر.
وشددت على تضافر جميع الجهود من أجل تحقيق الأمن المجتمعي والحفاظ عليه، من خلال تكامل جميع مؤسسات الدولة، من جيش ، وشرطة ، وقضاء ، وأسرة ، وتعليم ، ومؤسسات دينية وثقافية ومدنية ليتحقق الأمن لكل أبناء المجتمع بجهودهم متضامنين .
نص خطبة الجمعة
الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه الكريم : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد : فإن نعمة الأمن من أعظم النعم التي امتن الله (عز وجل) بها علي عباده ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالي : ( لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) ، ويقول سبحانه : ( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) ، ويقول تعالي : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)، ويقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : (من أصبح منكم آمنًا في سِربه، معافىً في جسدِه، عنده قوتُ يومِه ؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرِها).
ومما لا شك فيه أن الأمن عمل مجتمعي يشترك فيه كل أبناء الوطن ، حيث لا يمكن لأي منهم أن يوفر الأمن لنفسه وأسرته بمعزل عن أمن المجتمع ، فالناس في مجتمعاتهم ودولهم أشبه بركاب السفينة التي لا يمكن أن تنجوا ببعضهم دون بعض ، حيث يقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُم، َقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا). ولهذا الأمن المجتمعي ركائز ومقومات منها ، تقوية الجانب الإيماني الذي يحقق الطمأنينة في المجتمع ، ويحميه من التطرف والانحرافات الفكرية ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالي: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ، فالإيمان بالله ( عز وجل ) هو الذي يحقق الأمن الداخلي لأفراد المجتمع مما ينعكس علي أمن المجتمع كله .
ومنها الجانب الاقتصادي الذي يقوم علي العمل والإنتاج والإتقان ؛ لذلك فإن ديننا الحنيف حث علي العمل ، وعلي إتقانه وإحسانه ، حيث يقول سبحانه ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ويقول عز وجل : ( وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ، ويقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : ( إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ) وبذلك يتحقق الأمن ، ويستقر المجتمع . ومنها : ترسيخ قيم التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع ، وقد أولي ديننا الحنيف هذا الجانب عناية خاصة، ففرض الزكاة وحث علي الصدقات ، وشرع الوقف وشجع عليه ، حيث يقول الحق سبحانه ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ويقول جل وعلا : ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) ، ويقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : ( مَن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) ويقول صلي الله عليه وسلم : ( مَن كان معه فضلُ ظَهرٍ فلْيعُدْ به على مَن لا ظهرَ له ومَن كان معه فضلُ زادٍ فلْيعُدْ به على مَن لا زادَ له ) حتَّى ظننا أنْه لا حقَّ لأحدٍ منَّا في الفضلٍ ومن أهم ركائز الأمن المجتمعي ترسيخ مبدأ المساواة بين الناس ، فالناس سواسية كأسنان المشط ، والمجتمع الآمن الراقي لا تمييز بين أبنائه علي أساس اللون أو العرق ، حيث يقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : ( يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)، ولا يكون التفاضل بين أفراد المجتمع إلا علي أساس القدرات والطاقات، ووفق ما يبذله الفرد من جهود تفيد المجتمع .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم ) ، وعلي آله وصحبه أجمعين
لا شك أن تحقيق الأمن البيئي من أهم ركائز الأمن المجتمعي ، بتنمية البيئة ، وحمايتها من أية أضرار أو مخاطر ، حيث يقول ( عز وجل ) : ( هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)، ويقول صلي الله عليه وسلم ) : ( لا يغْرِس الْمُسْلِم غَرْساً، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنسانٌ وَلاَ دابةٌ وَلاَ طَيرٌ إلاَّ كانَ لَهُ صدقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامة) ويقول نبينا صلي الله عليه وسلم ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) فما أحوجنا إلي تضافر جميع الجهود من أجل تحقيق الأمن المجتمعي، والحفاظ عليه، من خلال تكامل جميع مؤسسات الدولة، من جيش ، وشرطة ، وقضاء ، وأسرة ، وتعليم ، ومؤسسات دينية وثقافية ومدنية ؛ ليتحقق الأمن لكل أبناء المجتمع بجهودهم متضامنين . اللهم أدم علينا وعلي مصرنا العزيزة وسائر بلاد المسلمين نعمة الأمن والأمان.
نسأل الله العلى العظيم أن ينفعنا بها .