26 أبريل 2024 13:26 17 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

مصر.. وسياسة تطويع الحجر والبشر

بوابة الكلمة
    جاء صعود دور مصر الإقليمى والدولى فى هذه المرحلة، نتيجة رؤية نفذتها أجهزة الدولة المصرية، دشنتها مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الأمور قبل سبع سنوات، واعتمدت هذه الرؤية على ضرورة أن يواكب التحرك الفعال والمؤثر على الساحة الدولية مع النهوض بعناصر ومقومات الدولة المصرية من الداخل، وذلك من خلال تنفيذ خطط تنمية شاملة في ربوع مصر، تشمل إنشاء مشاريع قومية ضخمة تؤدي لتغيير وجه الحياة بالقرى والمدن في شتى المجالات، وتساهم في تطوير البشر والحجر.   وبالفعل، تحركت أجهزة الدولة فى الاتجاهين، إيمانا بأن الدولة القوية والمتقدمة اقتصاديا وحضاريا تكون رائدة ومؤثرة في محيطها، وركزت في هذا الشأن على تنفيذ استراتيجية مصر 2030، التي تم إطلاقها بهدف تطوير القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية على المستوى الداخلي، وفى المقابل وظف القائمين على الدبلوماسية المصرية خطط السياسة الخارجية وجهودهم لتصب أيضا في خانة تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية.   وتلقت الشعوب والدول العربية، التى كانت تقع معظمها في عين العاصفة، وتعج بالأزمات وقتها، عودة مصر لدورها في المنطقة بترحيب، لكون السياسة المصرية تنطلق من أهداف نبيلة ونزيهة تتمثل في العمل على تحقيق الاستقرار والسلام والازدهار بالمنطقة، وتتمسك بضرورة احترام وحدة أراضى الدول العربية، وتراعي الندية والالتزام المتبادل، واحترام العهود والمواثيق، وتعزيز التضامن بين الدول والاهتمام بالبعد الاقتصادي في العلاقات الدولية لتحقيق رفاهية الشعوب.   وركزت مصر في مساعداتها إلى الدول العربية على الحفاظ على مكونات وعناصر الدولة الوطنية وهويتها، رافضة تدخلات القوى الإقليمية لدعم الإرهاب والتطرف والطائفية في الدول العربية، معتمدة على أسلوب الحوار والاقناع والتفاوض في تسوية النزاعات والأزمات بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها، وهو ما أدى إلى بزوغ الدور المصري في ملفات تتعلق بالعراق وليبيا والسودان ولبنان.   كما نجحت بهذا النهج في حقن دماء الفلسطينيين مؤخرا، بعد أن توصلت إلى هدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وفرضت تثبيت وقف إطلاق النار على الجانبين، وبدأت في إطلاق عملیة إعادة إعمار في قطاع غزة، بالتوازي مع تكثيف الجهود مع كافة الأطراف الإقليمية والعالمية لاستغلال الفرصة السانحة حاليا لإيجاد تسوية للقضية الفلسطينية، سعيا لإقامة دولة فلسطینیة مستقلة تكون عاصمتھا القدس.   ولكن تحقيق أي تقدم في مثل هذه الملفات المعقدة والمتراكمة منذ سنين طويلة يحتاج جهود مضنية، ويعد أمر صعب للغاية، تصطدم فيه الجهود المصرية بكثير من العراقيل والمشاكل على أرض الواقع، وبخطط متناقضة من قوى إقليمية ليس في مصلحتها تحقيق الاستقرار والأزدهار بالمنطقة العربية.   وهكذا، بينما تصارع قطاعات داخل الدولة المصرية في تطويع الحجر، وإنشاء مدن جديدة وطرق وكباري ومشاريع ضخمة زراعية وصناعية واستثمارية.. تعكف أجهزة أخرى على تطويع البشر في قضايا  مصيرية ملتهبة من عينة القضية الفلسطينية، تمهيدا لإطلاق مشروع تسوية قد يولد من رحم أحداث غزة الأخيرة، لكن التعامل مع البشر قد يكون أصعب بكثير من نحت الحجر. محمد الرماح