26 أبريل 2024 17:33 17 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

مجدي شندي يكتب: طوبي لهشام جاد

بوابة الكلمة

بسيط، طلق المحيا، دائم البسمات، عالي الضحكات، إن حل في مكان فمعه البهجة لا تفارقه ولا يفارقها، طيب القلب، تكفيه جلسة واحدة مع أي إنسان ليحتل قلبه ويحوز ثقته، وفيٌّ لا ينسى من وقف إلى جواره ولو بكلمة طيبة.

عرفته أوائل 1994 شابا محبا للتعلم وممتلئا نشاطا وحيوية وطموحا، محررا لأخبار وزارة التموين في صحيفة الأحرار اليومية، ما لبث أن جاء بعد شهور قليلة يستشيرني في عرض تلقاه من الدكتور أحمد جويلي وزير التموين وقتها في أن أن يصبح مستشارا إعلاميا له، أعجبت من فرط الثقة السريعة التي أولاها له مسؤول بوزن أحمد جويلي، ولم لا وقد ألم بكل ملفات الوزارة وتفاصيلها ومشاكلها وتحدياتها ، وبسبب مزايا شخصية أهمها القبول الشخصي والتقدير القادر على أن يحظى به من كل من يتعامل له، وأشرت بقبول هذه المهمة التي اعتبرتها تقديرا ليس له وحده وإنما لهيئة تحرير الصحيفة كلها.

حالة الثقة هذه تكررت مع كبار المسؤولين الذين كلف هشام جاد بتغطية وزاراتهم، فبعدها بسنوات قليلة أصبح الأقرب على الإطلاق لوزير الطيران المدني ورئيس الوزراء في الأسابيع الأولى لثورة يناير الفريق أحمد شفيق، وحتى بعد أن ترك الوزارة ورئاسة الوزراء ظل إلى جواره يدعمه في انتخابات الرئاسة التي أجريت عام 2012 والتي وصل فيها لمرحلة الإعادة.

هشام جاد التي عرفته عام 1994 كان هو نفس الشاب المتحمس الذي انضم إلى فريق تحرير صحيفة المشهد بعد تأسيسها في 2011 لم يتغير أو يتبدل ، بنفس طيبة قلبه ووفائه وتفاؤله بالمستقبل، وحين اختطفتني وعكة صحية في الربع الأخير من 2012 وتباطأت السلطة الإخوانية وقتها في إصدار قرار علاج على نفقة الدولة لي كتب هشام جاد مقالا شن فيه أعنف هجوم عليها، لأنها لم تقدر الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الوطن، بينما لو كان المريض شخصا من حاشيتهم لعالجوه في أفضل المستشفيات بالخارج.

غامر بعدها هشام بما يملك في صحيفة الكلمة، ظانا أنه يراهن بآخر أوراقه لخدمة الوطن، فصنع أسرة كبيرة تدين له بالولاء والمحبة، حتى وإن كانت الظروف لا تلائم الحالمين.

حين أخبرني هشام في نهايات عام 2022 أنه تجاوز الستين عاما، دهشت كيف مرت السنوات ونحن ما زلنا على حالنا بقلوب شابة نعمل ونحلم لمصر ونخوض المعارك تلو الأخرى، كيف لهذا الشاب الجالس أمامي على نفس الهيئة التي رأيته عليها لأول مرة أن يصل سن المعاش.

وحين وصلني نبأ رحيله بعد انقضاء أول ليلة من الليالي الوتر في العشر الأواخر من رمضان، أيقنت أن هذا ما يناسبه وأن له من اسمه نصيب كبير، وأنها إشارة إلى عفو وغفران وتعويض إلهي عن كل متاعب الحياة.

طوبى لك ياصديقي.. أسأل الله لك النعيم الذي يناسب كل ماعشت من أجله من قيم وتسامح وتوكل ونقاء سريرة.

مجدي شندي طوبي لهشام جاد