26 أبريل 2024 01:19 16 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

احمد سليم يكتب:ذكريات اكتوبرية

بوابة الكلمة

الساعة الثانية وعلى رصيف القطار المتجه للزقازيق يقف طلاب الاحمدية الثانوية من ابناء القرى بزيهم العسكرى وطلاب مدارس ثانوية عديدة وموظفون مئات الركاب فى انتظار القطار الذى يصل الى رصيف المحطة ليتسابق الجميع الى محاولة الحصول على مكان وفى نفس اللحظة كانت عشرات الاسر من المهجرين والمقيمين فى قريتنا تستعد لاعداد الافطار فى جماعات مشتركة كنا نحرص على التواجد فيها منذ ان وصلوا لقريتنا ذات مساء فى يونيو ٦٧ وكان الفلاحون فى قليولة بعد انتهاء موسم جنى القطن والاستعداد لزراعات اخرى ... الساعة الثانية بعد ظهر السادس من اكتوبر كان الاف المصريون ينتظرون فى نفس اللحظة ولكن على شاطئ القناة لتحرير سيناء. تسابقنا للقطار وبعد قليل بدات همهمات تزداد ان قواتنا تخوض قتالا على القناة نصف ساعة ونحن داخل القطار لاوسيلة لنا الا راديو ترانستور مع راكب يحاول ان ينقل لنا ماسمعه اغانى وطنية وبيان عسكرى....

وصلنا قريتنا الحال مختلف دعوات للشباب لصلاة العصر ثم الذهاب لمكز الشباب حالة من الترقب والانتظار لاتوجد عائلة بالقرية الا ولديها شاب او اب فى القنال المهجرين له اخوة ةشباب رفضوا التهجير ومازالوا بسيناء

صلينا العصر وتوافد الشباب على المركز والمسجد كثير من الفلاحين عادوا للقرية الكل يتحلق حول اجهزة الراديو فى كل مكان وهو الوسيلة الوحيدة الان لنعرف ماذا يجرى.

الذاكرة تعود بى الى يونيو ٦٧ وذات ليلة ارتفع فجاة صوت المؤذن فى منتصف الليل يدعو اهل القرية للخروج لمقابلة جنود مارين بالقرية عائدين من سيناء كنا اطفالا فى الصفوف الابتدائية خرجنا مع الكبار لنرى طابورا من عربات الجيش تحمل جنودا مابين جرحى اوبملابس ممزقة

كبار القرية يسارعون لاخراج ما فى بيوتهم من طعام جرى الشبا ب الى صهاريج المياه لملأ جراكن المياه ومن يأتى بملابس طبيب القرية الوحيد يأتى من الوحدة الصحية ببيجامة نومه حاملا والممرض المساعد كل مافى الوحدة من شاش او قطن او ما تيسر له من ادوية وادوات

حوالى نصف ساعة كان المئات من القرية حول طابور السيارات والصيحات مفيش مشى لازم تاكلوا وتشربوا وسيدات يسألن عن ابنائهن او ازواجهن تقرب عجوز من الجنود تبكى وهى تقدم لهم الطعام كل يا ضنايا متسائلة عن ابنها الذى كان هناك فى سيناء

صورة هذه الليلة وصورة طابور اخر بعده باسابيع اتى الينا فى مغرب احد الاياه يحمل اسرا من السويس والاسماعيلية وبور سعيد اسر كاملة تحمل فقط ملابسها وبعض احتيجاتها البسيطة يجتمع الشباب لانزالهم وتسكينهم بفصول المدرسة وبعض المكاتب فى الوحدة المحلية وقاعة المسرح الملحقة بها ويسارع البعض لفتح منازل لهم لاستقبال الاسر

وعلى مدار سنوات ست استقبلنا فى ليالى كثيرة جثامين لشهداء من ابناء القرية واحيانا اخبارا عن شهداء لم تصل جثامينهم. ذكريات كثيرة تتدفق على عقلى

افيق من الذكريات على اهم واجمل خبر عبرنا القناة ورفعنا العلم لقد حقق الابطال المعجزة اتذكر اقاربى فى سلاح المهندسين وانا ارى صور الكبارى واقارب اخرين فى الصاعقة والمجموعة ٣٩ واخرين ليلة لم تنم فيها مصر وربما اغلب العالم . ونعود فى اليوم الثانى الى مدرسة الاحمدية الثانوية نرتدى الزى العسكرى فخورين به وداخلنا احلام الانتصار ومابين البيانات العسكرية والاغانى الوطنية لحليم ووردة وشادية وكل المطربين والذين اقاموا باستوديوهات الاذاعة

وتمر ايام المعركة ويأتى خطاب النصر لنتأكد اننا حققنا الحلم وتمر الايام ويعود الابطال وتخرج القرية مرة اخرى ولكن بفخر وعزة نستقبل الابطال العائدين .

احمد سليم :ذكريات اكتوبرية