29 مارس 2024 14:04 19 رمضان 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

أحمد سليم يكتب: على شط النيل

بوابة الكلمة


يبدو أن برج السرطان كونه برجًا مائيًا يرتبط بالنيل وفروعه والبحر وحكاياته. والرحلة مع النيل بدأت من ترعة قريتى الصغيرة وامتدت إلى النيل بالقاهرة، ومنذ رحلة الصبا كانت شواطئ الترعة هى أفضل لحظات المذاكرة، فبعد صلاة الفجر ومع إشراقة الشمس كانت رحلة المذاكرة تمشية على شاطئ الترعة أو جلوسا تحت شجرة توت على الشاطئ.
فى شهرى مايو ويونيو كنا طلاب الاعدادى والثانوى نصلى الفجر فى المسجد الكبير وبعد ذلك نتجه إلى ترعة سيدى خلف أو ترع أخرى قريبة من القرية نذاكر سيرًا على الأقدام حتى نصل إلى أماكن بها شجر للتوت أو التين أو أشجار الصفصاف لنستظل بها وحتى ما يقرب من العشرة صباحًا كان كل منا قد حصل حوالى الثلاث ساعات.
لم تكن شواطئ الترع شاهدًا فقط على المذاكرة ولكنها فى أحيان أخرى كانت شاهدًا على قصص حب عديدة.
ومن ترعة سيدى خلف وترعة الشامى وترعة الباشا ومن أوقات الصيد بالسنارة وأكمنة الصبية للقراميط أثناء قلة مياه الترع كبرنا. واتسعت الترعة لنذهب إلى ترعة القاصد بطنطا والتى تمتد كيلوات حول المدينة لتشكل متنزهًا رائعًا لم يتم استغلاله حتى الآن. ومن العوم فى ترعة عرضها مترين أو ثلاثة إلى ترعة كبيرة بها مراكب وعليها معديات تكبر الأحلام ويتحول الشاطى إلى مكان لمسابقات الدراجات وأيضًا سباقات السباحة وتبدأ قصص حب طلاب الثانوى ورحلات التزويغ من المدارس.
وكانت أعياد شم النسيم هى الأوقات الأهم لقضاء الأوقات على شواطئ الترع وما بين ترعة القاصد بطنطا إلى قناطر زفتى حيث يتسع النيل لرحلات نهرية وصور للذكرى وفرصة لقضاء يوم كامل.
حب النيل والذى بدأ منذ الصبا وامتد إلى مرحلة الجامعة امتد وكأنه قدر إلى مرحلة الشباب والعمل وحتى التقاعد، وشاءت الأقدار أن يكون العمل الأول بالقاهرة فى جريدة شباب بلادي التى كانت تصدر عن دار مايو صوت الحزب الوطنى فى ذلك الوقت، كان مقرها الدور التاسع بمبنى الاتحاد الاشتراكى والذى تم هدمه بعد يناير.
كان مكتبى يطل على النيل وكنا مجموعة متقاربة العمر عمر الصعيدى وعبد الحميد جاد ويوسف سعداوى وعاطف حزين ونورا عبد الحليم ومنال نور الدين، كانت خطوتنا الأولى فى الإعلام، كانت هناك مجموعة أخرى من جريدة مايو وأخبار اليوم هم الأقدم والذين بدأنا التدرب على أيديهم الأساتذة محمد الزرقانى ورفعت فياض ومحمد إمبابى وفاطمة بركة ونصر القفاص.
التجربة كانت رائعة يقودها الراحل الاستاذ عبد الفتاح الديب وكان معلمًا يحرص أن يستمع لنا ويصحح أخطاءنا ويشجعنا كنا فى سن لا يتعدى أوائل العشرينات وكنا مندوبين للجريدة فى مجلس الشعب الذى كان يرأسه د. المحجوب ونتعامل مباشرة مع د. فؤاد محيى الدين ود. صبحى عبد الحكيم ويوسف والى وصفوت الشريف، وكنا رغم صغر عمرنا وضالة تجربتنا شهودًا على فترة مهمة من تاريخ مصر، وكانت الصحافة الورقية فى ذلك الوقت هى الأقوى والأهم.