24 أبريل 2024 00:06 14 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

أحمد سليم يكتب: ليالٍ فى حضرة المولد

بوابة الكلمة

أبناء الخمسينات من جيلنا والستينات والسبعينيات وقليل من بعدهم وخاصة من أبناء القرى عاشوا واستمتعوا بالموالد أو الاحتفالات بأولياء الله الصالحين.. كانت زفة الخليفة أول طقوس الاحتفال وتختلف الطقوس من مقام لمقام ومن طريقة صوفية إلى أخرى. كنا صغارًا عندما كان خليفة سيدى خلف صاحب أحد الأضرحة الأربعة بقريتنا يبدأ جولته بالقرية وخلفه فرقة من المداحين وسيارة تحمل الميكروفون تدور الزفة فى شوارع قريتنا وتوابعها تعلن بدء الاحتفال وخلف زفة الخليفة بعض المجاذيب وعشرات الصبية لم يكن الهدف من الزفة هو الإعلان فقط عن بدء الاحتفال ولكن لجمع التبرعات لإحياء المولد.

كنا أطفالاً صغاراً نذهب الى المولد نهاراً لنلعب النيشان وركوب المراجيح وشراء بعض الالعاب وعندما وصلنا الى المرحلة الاعدادية سمح الاهل لنا بالسهر مع الاشقاء والاقارب الاكبر سنا لتبدأ رحلتى مع الانشاد الدينى والطرق الصوفية.

كانت الليلة تبدأ بعد صلاة العشاء بحلقات الذكر التى كنا نتسلل إليها لنقلد الذاكرين فى حركاتهم وكلماتهم وما بين مجذوب وصوفى ومقلد ومهرج كنت أتابع إنشاد المبتهل ولكن الامر لم يكن يخلو من حركات الصغار مع المندمجين فى حلقة الذكر.

وتستمر السهرة لاكتشف أن ساحة المولد بعد المغرب وبعيداً عن الأضواء قد تحولت لملتقى لشباب القرية وفتيات من القرية والقرى المجاورة اتوا بصحبة أسرهم للوفاء بنذر أو التبرك بالضريح لتتحول الزيارة إلى موعد غرامى وبينما كان الراوى يحكى قصصاً والجالسون على الدكك الخشبية أو يفترشون السجاد والحصير فى حلقات تجمع بينهم الجوزة وغالباً الحشيش وطاسات البوظة كانت قصص الغرام الحقيقية تدور فصولها تحت الأشجار أو على شاطئ الترعة عالم المولد عالم آخر فيه من ذاب فى العشق الإلهى وفيه من ذاب فى عشق آخر وما بين مبتهل ونشال وبين من جاء ليزور ويتبرك ومن جاء ليقضي ليلة مع اصدقائه وبين أطفال خطفتهم أضواء ليلة المولد وحكايات المنشد تدور ليالى المولد.

ومن مولد قريتى وسماع الشيخ اسماعيل عامر ابن القرية وملكة الراعى الى هنيات شعبان وحواس وآخرين مضت الرحلة مع الموالد إلى موالد الحسين والسيدة والبدوى والدسوقى. وجاءت أجيال من المنشدين لتحتل صدارة المشهد. الموالد وما كان يجرى فيها يستحق دراسات وأيضاً لماذا لا تتحول إلى مناسبات سياحية تستغل فى الترويج لسياحة دينية فى المحافظات.

أحمد سليم يكتب: ليالٍ حضرة المولد