20 أبريل 2024 00:54 10 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

مصطفى زكي يكتب: الكلام نزفًا.. أو الصمت القاتل!

بوابة الكلمة

حزن رفيق لنهرٍ نسى عذوبته فى مصب مالح كدموع، شبح مازال جاثما فوق نافذة وحيدة، شغلته انتصارات حققها بين اغتصاب طفلة وذبح فتاة، ووقائع من المفترض أنها حُسمت قبل أن تقع، قسمت المجتمع نصفين، لكنه ـ الشبح ـ لم ينس قِبلته، من صلوا ثم فارقوا، أو بكوا، أو صاروا عاجزين بين حياة ليست ملكهم، وموت يحاصرهم.. لم ينس أن نواح الأمهات هو دمه، يحتسيه منتشيا بتأويلات قاتلة لنصوص سماوية وتعاليم إلهية.

باغتتنا النهارات الماضية بسحابات سوداء أحاطتنا جميعًا، وأحالت نفوسًا في كل الأنحاء سرادقات عزاء مستقلة منعزلة، حتى تمنينا لو ظللنا ـ نيامًا ـ في أيام "مضت وما مضت"، مرّت علينا مخلفة فى أرواحنا مرارة أدمت الحلوق.. انحصرت الحياة بين خيارين: الكلام نزفًا، أو الصمت القاتل.

باغتنا الشبح الأسود، ذلك الذي كثيرا ما أخبرنا ـ صادقًا ـ أنه على موعد دائم مع دمائنا، لكننا أدمنا دور المفاجَأ المندهش فى مسلسل الحزن الكثيف، استمرأنا طعنات تتلقاها ظهورنا، حيث لا مواجهة، أو حتى إقرار ـ مجرد إقرار ـ بأنه يراودنا عن نفسه، أو أنفسنا.

للفتنة فى لغتنا معانٍ عديدة، منها: "ما يقع بين الناس من اختلاف فِي الرأى يجعلهم يتقاتلون"، وهو المعنى الأقرب للكلمة فى الحديث الشريف: "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".. نعم.. من أيقظها حقت عليه لعنة الله، لكن فتنتنا ليست نائمة، فتنتنا استيقظت منذ أمدٍ بعيد، وجميعنا يعلم من أيقظوها قديمًا وحديثًا، ويعلم أيضًا من أباحوا العقول الخضراء قرابين لها حتى توحشت، وتمددت.. وأطبقت، وصار لا سبيل لمقاومة يقظتها المستبيحة دماءنا إلا بإيقاظ عقول تراها، تعلم مصدرها وتدرك أهدافها، ومن عجب أن نجد بيننا من يلوم محاولات الإيقاظ المدرك، فى مواجهة اليقظة المتوحشة؛ رغبة فى أن يرانا العالم "مدينة فاضلة".. متناسين أن الأهم: كيف نرى أنفسنا؟! ولتذهب كل رؤى العالم الى الجحيم.

مصطفى زكي يكتب الكلام نزفًا.. أو الصمت القاتل!