18 أبريل 2024 19:49 9 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

جماعة الدم (٧)

عبدالناصر محمد يكتب: تحقيق حلم الوصول إلى عرش مصر يبدأ باغتيال عبدالناصر

بوابة الكلمة

بعد أن نفذت مؤامرة حريق القاهره في ٢٦ يناير ١٩٥٢ ظنت جماعه الإخوان أن حلم الجلوس على عرش مصر بات قريب المنال وأن تنفيذ جريمة الحريق بهذا الإتقان سوف يجعل المستعمر البريطاني يرد الجميل و ينفذ وعده السابق و هو الإطاحة بالملك علي أن تحل محله جماعة الإخوان غير مدركين أنهم مجرد دمية تباع و تشتري فى يد أباطرة الاحتلال .

مكثت الجماعة بضع شهور تنتظر القرار الانجليزي بالإستغناء عن خدمات الملك فاروق و تمهيد الطريق للإخوان للوصول إلي سدة الحكم و لكن كانت مفاجأه الجيش فى فجر يوم الأربعاء ٢٣يوليو بالقيام بثورة أطاحت بالملك و لكن ليس لمصلحة الإخوان و لكن لمصلحة الوطن.

و بدا منذ الوهلة الأولى أن جمال عبد الناصر هو الرجل الأول في هذه الثورة رغم تولي محمد نجيب رئاسة الجمهورية فيما بعد ، و أدرك الإخوان أن حركة يوليو قد تكون خطوه جديده فى طريق الوصول إلى مقر الرئاسة و ذلك من خلال التقرب من هؤلاء العساكر و الحصول أولا على نصيب كبير في الإدارة فى الوقت الذى كان فيه عبد الناصر يدرك تماما أساليبهم ، و لذلك رفض أى مطلب لهم خاصة فيما تعلق بتولي وزارات هامة فى حكومة الثورة.

إشتعلت نيران الغضب في صدور الإخوان و مارسوا دورهم التقليدي في أعمال التخريب و الإرهاب مما جعل الرئيس محمد نجيب يصدار قراراً بحل الجماعة في فبراير ١٩٥٤ وتم القبض كذلك على عدد كبير من عناصر الإخوان يتزعمهم المستشار حسن الهضيبي المرشد العام للجماعة.

وصل إلي يقين جميع القيادات الجماعه أن هذه القرارات التى أعلنها الرئيس محمد نجيب هى من صنع البكباشي جمال عبد الناصر رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فى نفس الوقت آنذاك ، وبعد عدة شهور تم إطلاق سراح جميع الإخوان والذين قرروا سرعة إتخاذ قرارات لبحث كيفية الصعود إلى عرش مصر وإستقر الأمر على ضرورة إزالة عبد الناصر من طريقهم وذلك عن طريق إغتياله.

و كانت البدايه بأن عقدت قيادات الجماعة برئاسة حسن الهضيبى و بحضور يوسف طلعت المسؤول عن التنظيم الخاص فى هذه الفترة و قد تم ضم الكاتب الماسوني سيد قطب و الذي أسندت إليه نقطة البداية للاطاحة بنظام العسكر .. "لاحظ بداية ترديد كلمة العسكر فى ذلك الوقت ".. حيث يقوم سيد قطب بكتابة المقالات المحرضة ضد الثوره و رجالها ، فضلا عن التشكيك فيما يقوم به عبد الناصر من مفاوضات مع الانجليز عن الجلاء بل و الأدهى أنهم كانوا يرددون أن جلاء الإنجليز ليس في مصلحة مصر وسوف يستغرق وقتا طويلا لتنفيذه ، كما أنه سوف تظل هناك قواعد عسكرية إنجليزية فى منطقة القنال.

ورغم كل الشائعات التى يرددها الإخوان وكل اللقاءات السرية مع قيادات الإحتلال إلا أن عبدالناصر استطاع فى ١٩ يوليو ١٩٥٤ من توقيع إتفاقية الجلاء مع الإنجليز على أن يخرج آخر جندى بريطانى من مصر يوم ١٩ يونيو ١٩٥٦ ، ولا شك أن توقيع الإتفاقية نزل كالصاعقة فوق رأس الإخوان الذين قرروا سرعة العمل على تنفيذ جريمة إغتيال عبدالناصر فى أقرب فرصة قبل أن تزداد شعبيته أكثر من هذا الحد.

مشهد آخر

عقدت قيادات الإخوان لقاءات سرية مع جنرالات المستعمر البريطاني حيث طالبوهم بعدم قبول فكرة الجلاء و بالفعل أعطى الإنجليز وعدآ للاخوان أو تظاهروا بذلك بعدم تنفيذ فكرة الجلاء إلي أن يتمكن الإخوان من السيطرة على البلاد مؤكدين أهمية الإسراع في تنفيذ هذا المخطط ووقع اختيار الجماعة المشبوهة على المحامي هنداوي دوير ليكون قائداً لخلية إغتيال جمال عبد الناصر و هو أحد قيادات التنظيم الخاص و يعمل بمكتب القطب الإخواني الكبير المحامي عبد القادر عودة .

بدوره اختار هنداوي دوير عنصر من العناصر البارزة في التنظيم الخاص و الذي يعد من أبرز القناصين في جيش الإخوان و هو محمود عبد اللطيف عضو التنظيم الخاص من خلية إمبابة بالإضافة إلى محمد علي نصيرى من عناصر التنظيم الخاص بمحافظة الشرقية.

و في محاولة للتمويه و الخداع والتنصل من المسئولية تمت الاستعانة باثنين من خارج الجماعة ممن يكرهون جمال عبد الناصر ويرفضون سياسته للإنضمام إلى خلية إغتيال جمال عبدالناصر وهما خليفة عطوه و أنور حافظ و هما من محافظه الشرقية أيضا.

قبل تنفيذ المهمة التقت فرقة الدم بالهضيبي فى فيلا حسن صبري بالإسكندرية حيث كان يختبئ بها عقب عودته من خارج البلاد حيث كان يخشي أن يتم القبض عليه و حتي يكون بعيداً عن الأنظار فى حالة فشل محاوله إغتيال جمال عبد الناصر .

الجريمة

خرجت الإسكندرية عن بكرة أبيها للإحتفال بالعيد الثاني للثورة وللإحتفال أيضا بتوقيع معاهدة جلاء الإنجليز عن مصر و التي وقعها جمال عبد الناصر يوم ١٩ يوليو ١٩٥٤ و في تمام الساعة السابعة من مساء هذا اليوم و في ميدان المنشية وأمام أكثر من ٢٥٠ ألف مواطن بدأ رجال الثورة مراسم الاحتفال وسط هذه الحشود المؤيدة لثورة يوليو و رجالها الأحرار .

و في نفس التوقيت ارتدى كل من خليفة عطوه وأنور حافظ ملابس الحرس الوطني وصعدا أعلى المنصة وحضر محمود عبد اللطيف و كان بحوذته مسدس من نوع "برواننج" ألماني، وارتدى محمد على نصيري حزاماً ناسفاً ، وفي تمام الساعة السابعة و خمسون دقيقة وأثناء خطاب عبد الناصر أمام الجماهير الحاشدة قام محمود عبد اللطيف بتوجيه ٨ رصاصات نحو جمال عبد الناصر و رجال الثورة وضيوف الإحتفال و لكن العناية الإلهية أنقذت جمال عبد الناصر و الذي لم يصب بأي أذى وتم القبض علي أعضاء هذه الخلية المشبوهة بالكامل .

جرائم أخرى

لم تكن حادثة المنشية هى الوحيدة التى حاول فيها الإخوان إغتيال عبدالناصر فقد كانت هناك وقائع عديدة فقد ذكرت زينب الغزالى أحد أبرز جيل الأوائل فى هذه الجماعة أن الإخوان حاولوا إغتيال عبدالناصر حوالى ١٩ مرة وكان أبرزها بعد حادث المنشية محاولة إغتياله من خلال أحد العناصر الإخوانية بالحرس الجمهورى وهو ما يدعى إسماعيل الفيومى الذى كان مسئولا عن برج المراقبة بالحرس الجمهورى وكان ينوى قنص الزعيم عبدالناصر لولا ضبطه فى إطار خلية كبرى كانت تنوى أيضا تفجير القناطر الخيرية ومحطات السكك الحديدية والعديد من المنشآت العامة وذلك عام ١٩٦٥ ولكن العناية الإلهية واصلت حمايتها لمصر وزعيمها.

المراجع:

مذكرات عبدالعزيز كامل عضو التنظيم الخاص ووزير الأوقاف الأسبق

مذكرات يوسف القرضاوى

كتاب " الإخوان المسلمين فى دائرة الحقيقة الغائبة " للقيادة الإخوانى إبراهيم قاعود

مذكرات على عشماوى القيادى بالجماعة

اعترافات خليفة عطوة المتهم الثالث فى قضية حادثة المنشية

عبدالناصر محمد يكتب تحقيق حلم الوصول إلى عرش مصر يبدأ باغتيال عبدالناصر