26 أبريل 2024 02:38 16 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

اللواء الدكتور محسن الفحام يكتب: ”ازمات نصنعها بأنفسنا”

بوابة الكلمة

جميعنا يتابع هذه الأيام تلك الأزمات التى تمر بها معظم دول العالم والتى أصبح من الصعب التنبؤ بها نتيجة المتغيرات اليومية فى الأحداث العالمية والمحلية حيث ان هذا التنبؤ من الممكن ان يترتب عليه التقليل من آثار تلك الأزمات أو تداركها إلا أنه فى ظل عدم هذه القدرة يصبح من الصعب وضع التصورات والخطط والسيناريوهات لمنع الأزمة أو تقليص آثارها ... ومن المعروف أن هناك أزمات تأتى من صنع الطبيعة أو الظروف المناخية أو حتى الظروف المحيطة بالدول وهناك أزمات تكون من صنع الإنسان نفسه. هذا الإنسان الذى يصنع الأزمات بنفسه ثم يعيش فيها ويتصور انه ضحيتها فى حين انها صنيعته اصلاً.
وإذا نظرنا الى واقعنا حالياً فى مجتمعنا الداخلى سوف نجد اننا يومياً تقريباً نصنع الازمة تلو الاخرى ثم نحاول تصدير اسبابها نتيجة وجود قصور فى أداء الدولة أو واجباتها تجاه أبنائها وذلك على غير الحقيقة. فالدولة مثلها مثل جميع دول العالم تتعرض حالياً لأزمات اقتصادية غير مسبوقة كان من الصعب توقعها خاصة تلك الحرب الدائرة حالياً بين روسيا واوكرانيا المدعومة بحلف الناتو والتى تخطت آثارها الحدود حتى شملت معظم دول العالم وايضاً الأزمات التى نتجت عن انتشار فيروس كورونا وعن التغيرات المناخية.. بطبيعة الحال فإننى هنا لن اكون منحازاً انحيازاً كاملاً للدولة وأجهزتها بيد اننا لابد ان نضع الامور فى نصابها والحقائق فى مكانها.. تلك الحقيقة التى تشير الى ان هناك العديد من الازمات تشاركنا جميعنا فى حدوثها بل وفى تفاقمها ومن المنتظر أن تحدث ازمات اخرى أراها قريبة الحدوث فى المستقبل القريب اذا لم نكن مستعدين لها استعداداً جيداً بحيث نكون عوامل مساعدة للدولة وليس معاول هدم لها.
وهنا اشير الى بعض الازمات التى صنعناها بأنفسنا خلال السنوات القليلة الماضية وتفاقمت فى الآونة الاخيرة لعل من ابرزها ذلك النمط الاستهلاكى المتزايد وغير المبرر خاصة فى وقت الأزمات وهو ما نراه حالياً فى التعامل مع رغيف الخبز الذى يتم اهدار جزء منه نتيجة سوء صناعته او الاستهلاك غير المنضبط...اخفاء السلع الاستهلاكية الغذائية والمهمة لكل اسرة نتيجة جشع التجار وذلك لرفع قيمتها نتيجة عدم القدرة عن الاستغناء عنها. كذلك الحال بالنسبة للسلع الاستراتيجية واقصد بها تحديداً محصول القمح الذى يتم إخفاؤه عن الدولة طمعاً فى بيعه للمطاحن الخاصة والفنادق وغيرها بأسعار مضاعفة على الرغم من التسهيلات التى تقدمها الدولة للمزارعين ومحاولة تسديد أسعار ذلك المحصول أولاً بأول على الرغم من الازمة الإقتصادية التى نعانى منها.. ثم نأتى الى جانب آخرخر من جوانب الازمات التى نصنعها بأنفسنا وهى تلك المناسبات الاجتماعية المبالغ فيها خاصة حفلات الزواج التى تصرف فيها الملايين من الجنيهات دون مبرر بل انها يترتب عليها ذلك الاستياء الذى يعترى الرأى العام بل ويزيده سخطاً على الاوضاع الداخلية فى البلاد... ثم نأتى الى ذلك الخطر الداهم الذى نعانى منه منذ عدة سنوات ألا وهو سوء استخدام منصات التواصل الاجتماعى.
لقد أصبحت شبكات التواصل الاجتماعى المتهم الاول فى خلخلة الحياة الاجتماعية وإثارة المشاكل وتحولت الى أداة تخريب وتمزيق لاوصال المجتمع وأخلاقياته وإشاعة الفوضى ونشر الرذيلة والشائعات المغرضة.. وكذلك سلاح تلجأ اليه الدول واجهزة المخابرات العالمية كوسيلة لتفكيك المجتمعات من الداخل... وها نحن نرى ونقرأ يومياً عن جرائم دخيلة على المجتمع المصرى وعاداته وتقاليده وقيمه ومبادئه .
وهناك أزمة حقيقية أرى اننا يجب ان نستعد لها ونساند دولتنا فى التعامل معها بكل الجدية والامانة وهى أزمة ترشيد استهلاك المياه وذلك على ضوء ما تقوم به إثيوبيا حالياً من الاستعداد للملء الثالث لسد النهضة.. أتمنى أن تجد هذه الدعوة من الآن صدى لدى أبناء الشعب قبل الدولة فى ترشيد استهلاك المياه وأن يكون تعاملنا مع أجهزة الدولة تعامل التعاون وليس الخصم فجميعنا فى قارب واحد ولابد أن نسعى جميعاً لقيادته بإخلاص وأمانة.
وهناك العديد من الأدوات التى نمتلكها لإطلاق حملات توعية وإرشاد فى هذا المجال من أهمها المساجد والكنائس والمدارس والاعلام والاحزاب ومنظمات المجتمع المدنى ... أزمة المياه من وجهه نظرى هى الأزمة القادمة ومن هنا لابد أن نتكاتف للتعامل معها من خلال تغيير أساليب استخدامها سواء فى الحياة العادية أو الزراعية وإشعار المواطن بمسئوليته الفردية تجاه مجتمعه عن ذلك والتعاون مع أجهزة الدولة لتحقيق الاستفادة القصوى من المياه التى سوف نستخدمها فى كافة مجالات الحياة.
إنها رسالة أرجو أن يعيها الجميع من الآن كى نتمكن من بدايتها من تلافيها أو التقليل من آثارها السلبية على حياتنا وحياة الأجيال القادمة بإذن الله.
وتحيا مصر.

اللواء الدكتور محسن الفحام ازمات نصنعها بأنفسنا