26 أبريل 2024 12:18 17 شوال 1445
بوابة الكلمة رئيس التحرير محمد خضر
مقالات

اللواء الدكتور محسن الفحام يكتب: الأحزاب السياسية والفرصة الذهبية

بوابة الكلمة

اعطى الرئيس عبد الفتاح السيسى للاحزاب السياسية فى مصر فرصة غير مسبوقة للمشاركة فى الحوار الوطنى الذى دعا إليه سيادته مؤخراً ليعبر كل حزب عن رؤيته تجاه قضايا الساعة وقضايا الوطن خاصة وأن تلك الدعوة جاءت فى توقيت غاية فى الأهمية وفى ظل أزمة عالمية مركبة أشار إليها الرئيس شملت ارتفاع مستويات التضخم العالمية وحالة الكساد الاقتصادية وارتفاع الاسعار .. يضاف إليه العديد من القضايا الداخلية مثل الإرهاب والزيادة السكانية والبطالة والديون والنهوض بالصحة والتعليم ومراجعة العديد من القوانين السياسية ومنها قانون الأحزاب وتنظيم المؤسسات الأهلية وأيضاً قوانين الأحوال الشخصية ودعم المشروعات الصناعية والزراعية وغيرها من القضايا التى تهم المجتمع المصرى بصفة خاصة.

وقد قامت مؤخراً الأكاديمية الوطنية للتدريب بتوجيه الدعوة لرؤساء الأحزاب السياسية جميعهم دون استثناء للمشاركة فى هذا الحوار بما بينهم تلك الأحزاب التى لا يوجد ممثلون لهم فى مجلسى النواب والشيوخ وهو ما يعطى لهم قبلة الحياة للتعبير عن أنفسهم وأفكارهم ورؤيتهم فى حل قضايا الوطن خروجاً من وصفهم الدائم بأنهم مجرد أحزاب كرتونية ليس لها ظهير شعبى أو تواجد على الارض أو تمثيل برلمانى.. وحسناً فعلت الأكاديمية فى توجيه الدعوة لتلك الأحزاب للبدء فى تقديم أوراق عمل تتضمن أفكاراً يمكن تطبيقها على أرض الواقع بعيداً عن الشعارات الحنجورية التى يتميز بها العديد من قادة تلك الأحزاب والتى وصل عددها 104 أحزاب.. إذن فلن يتم إقصاء أى حزب أو أى رأى بل سوف تتم مناقشته من خلال متخصصين فى كافة المجالات التى سوف تتضمنها محاور تلك المبادرة والتى لم يتم تحديدها بوضوح حتى الآن وهو ما يضفى نوعاً من حرية الحركة وعدم التقيد بمحور معين إلى أن يتم التخصيص والتخصص وأتمنى أن يظهر من بين هذه الأحزاب رجال رشيدة يمكن الاستفادة والاسترشاد بآرائهم بالشكل المأمول والذى يساهم فى سهولة انتقال البلاد إلى فكر الجمهورية الجديدة الذى يسعى الرئيس إلى ترسيخه ومتابعته باستمرار.

فى ذات الوقت فإنه من المؤكد أن جميع الهيئات والمجالس العليا والوطنية وحقوق الإنسان والمرأة وما يماثلها من الهيئات المدنية فى النقابات والاتحادات ومراكز البحوث والدراسات والعديد من الشخصيات العامة ذات الرصيد السياسى والخبرة العلمية والعملية فى السياسات العامة سوف يتم توجيه دعوات مماثلة للمشاركة فى ذلك الحوار الوطنى وهو الأمر الذى سوف يؤدى بلا شك إلى وجود حالة من الحراك الفكرى والسياسى والثقافى والاجتماعى والدينى بين جميع أطياف المجتمع بمختلف توجهاتهم وعقائدهم وصولاً إلى وضع رؤية متكاملة من الجميع قد تشكل خارطة طريق للدولة المصرية خلال السنوات القادمة بإذن الله يتحقق من خلالها وجود الدولة المدنية الديمقراطية الحقيقية التى يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تحقيقه.

وقد شاركت مؤخراً فى لقاء ضم حوالى 40 حزباً يمثلون تحالف الأحزاب المصرية حيث أعطى النائب تيسير مطر أمين عام هذا التحالف الفرصة لكل رئيس حزب أن يعبر عن رؤيته باختصار تمهيداً لتقديم أوراق العمل الخاصة بكل حزب على أن تشكل لجنة لفحص تلك الآراء والمقترحات قبل طرحها فى مؤتمر الحوار الوطنى.. وقد لاحظت حماساً كبيراً من جميع السادة رؤساء الاحزاب المشاركة فى الملتقى إلا أن القضايا التى أعلنوا عن تبنيهم لها أعتقد أنه من الصعب أن نجد طريقاً لها لاستحالة تنفيذها سواء بسبب عدم قدرة الاقتصاد المصرى على استيعابها أو لعدم ملاءمتها مع المتغيرات العالمية الخاصة أو لأنها تتعلق بقضايا شائكة لا يجوز مناقشتها فى حوارات مفتوحة.

ولعلى خرجت من هذا الملتقى بالعديد من التساؤلات التى أتمنى أن نعرف جميعاً إجاباتها قبل البدء فى الاستعداد لهذا الحوار الذى يبدو أنه سوف يستغرق وقتاً طويلاً لاختلاف الرؤى والأهداف والتوجهات إلا إذا كان هناك تدخل رئاسي لسرعة الإنجاز ونبذ الخلافات وصولاً للهدف الأسمى من هذا الحوار وهو ما عبر عنه الرئيس بقوله "الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية".

ولعل من أهم التساؤلات هنا هو ما أشار إليه جميع الحضور والتى تتمثل فى أنه رغم ترحيب الجميع فى المشاركة فى هذا المؤتمر إلا أنه لم يتضمن الآليات المحددة التى سوف تسير عليها تلك المناقشات والفترة الزمنية التى سوف تستغرقها واللجان التى سوف تتسلم المقترحات وهل هو حوار من أجل الحوار أم من أجل الحراك وما هى كيفية تنفيذ مخرجات هذا الحوار؟ وهل سوف يحدث تغول من بعض القوى السياسية النافذة والأحزاب الجماهيرية على غيرها من القوى والأحزاب الأخرى؟ وهل سوف يكون هناك مقاربة بين الأحزاب غير الممثلة فى المجالس النيابية للتركيز بشكل عملى على الأهداف الرئيسية للمبادرة؟ وهل كل ما سوف يصدر عن ذلك سوف ينفذ خاصة إذا كان سوف يتعلق مثلاً بتعديل الدستور وبحل مجلس النواب والشيوخ وإعادة النظر فى اتفاقية كامب ديفيد؟ نعم كل هذه آراء طرحت بالأمس فى اللقاء المشار إليه.. لقد كانت الأجواء والمقترحات متاحة للجميع ولكننى رأيت أن هناك احزاباً تكاد تكون مغيبة تماماً عما يتعرض له الوطن داخلياً وخارجياً.

وبعيداً عن المزايدات والانقسامات والاستقطابات التى لا تفيد الوطن فإنه يجب علينا أن نخطو خطوات حقيقية للأمام وأن نعتبر هذا الحوار يمثل مبادرة وطنية طيبة وايجابية إذا أحسن استغلالها والاستفادة منها وليست هروباً للأمام كما يحاول أهل الشر والمشككون ترويجه حالياً على وسائل التواصل الاجتماعى وفى القنوات الفضائية التى عادت تبث سمومها مرة أخرى من الخارج.

سوف ننتظر ونترقب ونكتب من الآن كل ما يثار حول تلك المبادرة وأساليب تنفيذها ونتائجها ونتابع بعد ذلك تنفيذ تلك النتائج وآثارها الايجابية على المجتمع المصرى.

وتحيا مصر.

اللواء الدكتور محسن الفحام الأحزاب السياسية والفرصة الذهبية